فلسطين أون لاين

أربعة صناديق في نابلس تؤصِّل لتاريخ الطرود البريدية في فلسطين

...
طوابع بريدية فلسطينية
نابلس-غزة/ مريم الشوبكي:

تحتفظ البلدة القديمة في مدينة نابلس بأربعة صناديق بريدية منذ عهد الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1920، غير أن البريد الفلسطيني أقدم من ذلك بكثير، ويعود إلى 80 عاماً قبل هذا التاريخ.

ومثلت الصناديق الأربعة في نابلس الوسيلة الوحيدة لإرسال واستقبال الطرود البريدية زمن الاحتلال البريطاني الذي امتد لثمانية وعشرين عاماً.

ويبين مسئول العلاقات العامة في البريد الفلسطيني- فرع نابلس، طارق عاشور أن صناديق البريد الأربعة أُنشئت في عهد الملك جورج الخامس، وكانت تأتي عبرهم المراسلات من شمال فلسطين المحتلة، ويتم فرزها ضمن البريد الفلسطيني.

موروث تاريخي

ويوضح عاشور لـ"فلسطين" أنه في عام 1923 طلب من المدير العام للبريد البريطاني أن يصمم أربعة نماذج من الطوابع البريدية تحمل صورة الصخرة المشرفة، وصورة لقلعة القدس، وصورة لمعبد راحيل، وأخرى لجامع طبريا.

ويفيد بأنه تم اعتماد طابع قبة الصخرة للبريد الداخلي والخارجي للمراسلات البريدية، أما البطاقات البريدية فاعتمد لها طابع قلعة القدس، وتم استخدام طابع جامع طبريا للمواد ذات الوزن الثقيل كالطرود، وقد حملت هذه الطوابع اسم فلسطين باللغات الثلاث.

ويؤكد عاشور أن صناديق البريد الأربعة هي مورث تاريخي وحضاري لنابلس خاصة، ولفلسطين عامة، إذ مر البريد الفلسطيني بمراحل عديدة منذ العمل به في عصر الخلافة العثمانية، مبيناً أن أول مكتب بريد في فلسطين افتتح في عام 1840، وفي عام 1849 تم افتتاح سبعة مكاتب بريد في: القدس، ونابلس، وغزة، ويافا، وبيت لحم، وطبريا، والخليل.

ويشير إلى أن أول إرساليات تبادلية كانت بين فلسطين ومصر في عام 1859 عن طريق مكتب بريد يافا، وفي سنة 1899 كان التبادل البريدي بين فلسطين ودول العالم يمر عبر بيروت وبورسعيد، وفي سنة 1910 تم افتتاح مكتب بريد في خانيونس.

ويوضح عاشور أنه في عام 1918م أصبح البريد الفلسطيني يدار بواسطة البريد الملكي البريطاني، وفي سنة 1920 صدرت طوابع تحمل اسم فلسطين باللغات العربية والإنجليزية والعبرية، وطبعت في القدس بعد صدور قانون (115) الذي يحدد نظام البريد، والبرق (الهاتف)، وبمناسبة تأسيس جامعة الدول العربية سنة 1945 صدر طابعان بريديان حملا اسم فلسطين، محاطَيْن بأعلام الدول العربية.

وينبه إلى أن المراسلات استمرت تحت إدارة الإنجليز حتى نكبة عام 1948م، حين احتلت العصابات الصهيونية فلسطين، "وهنا انتقل عمل البريد تحت الإدارة المصرية في قطاع غزة، والإدارة الأردنية في الضفة الغربية".

رقابة أمنية

عام 1967 كان فاصلًا في تاريخ البريد الفلسطيني، كما يبين عاشور، إذ سيطر الاحتلال الإسرائيلي عليه، وكان من أكثر المؤسسات خضوعاً للرقابة الأمنية، وذلك حتى قدوم السلطة الفلسطينية عام 1995.

ويلفت إلى أن البريد الفلسطيني شهد ازدهارًا ونموًا مع بدء الحكم الفلسطيني الذاتي، حيث تم إصدار طوابع فلسطينية، وحمل أول طابع صورة العلم الفلسطيني، وصورة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وبعدها تمت أتمتة هذه المكاتب وتحويلها لبرمجة.

ويشير عاشور إلى أنه في عام 1999م تم قبول عضوية فلسطين في الاتحاد العالمي للبريد، وهو إحدى وكالات الأمم المتَّحدة المتخصصة، التي ترسي القواعد العامة من أجل حرية نقل البريد بين الدُّول. ويعمل الاتحاد على تقوية أواصر التَّعاون الدَّولي في مجالي تنظيم الخدمات البريدية، وتحسينها. 

ويعمل اتحاد البريد العالمي بموجب اتفاقية دولية تدعى "الاتفاقية الدَّولية للبريد"، التي تُحدد الرُّسوم البريدية، والإجراءات الموحَّدة لتبادل البريد من الدَّرجة الأولى، التي تشمل: الرَّسائل، والبطاقات البريدية، والرُّزَمَ الصَّغيرة. وبموجب هذه الاتفاقية، تحدد الدُّول الأعضاء الرُّسوم البريدية ضمن حدود معينة.

ويلفت عاشور إلى أن الكثير يعتقد أن عصر البريد الفلسطيني انتهى، ولكن مكاتبه منتشرة في أنحاء فلسطين على الرغم من التقدم التكنولوجي في المراسلات.

ويبين أن البريد يقوم بتأجير أكثر من 2000 صندوق حاليًا، ولا يزال المواطنون، والشركات يستخدمونها، مرجعًا ذلك لعدة أسباب؛ أهمها أن الفلسطينيين يعتزون بها ويعدونها موروثًا يجب المحافظة عليه، فقد ورثوه عن الأجداد.

ويمضي بالقول: "لا يمكن الاستغناء عن العامل الورقي في الوقت الحالي مهما وصل التطور التكنولوجي، فالمراسلات البريدية لا تزال المجلات العلمية تستخدمها، فالمراسلات الورقية يمكن الاحتفاظ بها، بعكس تلك الرقمية التي يمكن أن تفقدها عند حدوث أي عطل تقني".

المصدر / فلسطين أون لاين